إن المشرع مهتم أهمية بالغة بحماية كرامة الفرد وخصوصيته، وضمان حريته الشخصية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية. وفي هذا الإطار، صدر نظام مكافحة التحرش ليشكل نقلة تشريعية هامة في تجريم الأفعال والسلوكيات التي تمس الحياء والكرامة الإنسانية.
•تعريف التحرش وفقًا للنظام:
كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة.
وهذا يشمل الأفعال التي تتم حضوريًا أو من خلال وسائل الاتصال، بما فيها الرسائل النصية والتطبيقات الإلكترونية.
•أهداف النظام:
-مكافحة جريمة التحرش بكافة أشكالها.
-الوقاية من وقوعها.
-فرض العقوبات الرادعة بحق مرتكبيها.
-حماية المجني عليه، بما يضمن صيانة كرامته وحقوقه الشخصية.
•واجب الإبلاغ والمسؤولية المجتمعية:
-تنازل المجني عليه أو عدم تقديمه شكوى لا يمنع الجهات المختصة من اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتحرش.
-لكل من اطّلع على حالة تحرش، واجب الإبلاغ عنها للجهات المختصة تحقيقًا للمصلحة العامة.
•العقوبات المنصوص عليها في النظام:
-السجن لمدة لا تزيد على سنتين، وغرامة مالية لا تتجاوز 100,000 ريال، أو بإحدى العقوبتين، لمن يرتكب جريمة تحرش.
-في حال العود أو وجود ظروف مشددة، كأن يكون المجني عليه طفلًا، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أو فاقد للوعي أو أن الجريمة وقعت في بيئة عمل أو تعليم أو وقعت في حالات الازمات والكوارث، ترتفع العقوبة إلى السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وغرامة مالية لا تزيد على 300,000 ريال.
-يجوز للمحكمة نشر ملخص الحكم بعد أن يكتسب الصفة القطعية على نفقة المحكوم عليه.
-التحريض، الشروع، والبلاغات الكيدية
•أمثلة على أفعال تُعد تحرشًا وفق النظام:
•الأفعال الجسدية
-ملامسة الجسد عمدًا دون رضا، مثل لمس اليد أو الكتف أو أي جزء من الجسم.
-الاقتراب الجسدي غير المبرر بطريقة توحي بالإيحاءات الجنسية.
-التحرش الجسدي في المصاعد، المكاتب، أو المرافق العامة بقصد التلامس أو التضييق على الطرف الآخر.
•الألفاظ والتعليقات
-إطلاق عبارات ذات طابع جنسي تجاه شخص، سواء بإعجاب غير لائق أو تلميحات صريحة.
-التعليق على المظهر الجسدي بطريقة غير مناسبة أو تتضمن إيحاءات.
-إطلاق النكات الجنسية أو الكلام الفاحش في وجود الطرف الآخر.
•الإشارات والسلوكيات
-الغمز أو الإيماء بطريقة ذات دلالة جنسية.
-النظر المتكرر أو التحديق بشكل غير لائق في جسد شخص.
-الإيماء باليد أو بالجسد التي توحي بإيحاء جنسي.
•التحرش عبر الوسائل التقنية
-إرسال رسائل نصية أو صور ذات طبيعة جنسية دون رضا الطرف الآخر.
-الاتصال أو المراسلة المتكررة رغم الرفض أو عدم الاستجابة.
-طلب صور شخصية أو إرسال مواد خادشة للحياء عبر الهاتف أو وسائل التواصل.
•استغلال السلطة أو البيئة
-استغلال منصب العمل أو الإشراف للتحرش بموظف أو متدرب.
-استغلال الطالبات أو الطلاب من قبل معلمين أو مسؤولين بتلميحات جنسية أو ضغوط.
•ختامًا:
إن نظام مكافحة التحرش يمثل خطوة تشريعية جادة نحو حماية المجتمع، وتعزيز بيئة يسودها الاحترام المتبادل، سواء في الأماكن العامة أو الخاصة أو بيئة العمل والتعليم.
ويؤكد النظام أن الكرامة الإنسانية لا تُمس، وأن العدالة لا تتغافل عن أي فعل يخدش الحياء أو يتجاوز حدود الأدب والاحترام.
نظام مكافحة التحرش ليس فقط نصوصًا قانونية، بل هو التزام مجتمعي وسلوك حضاري يعزز من أمن الأفراد وسلامة المجتمع.